عصر النهضة ( 1798 إلى الوقت الحالی )
انتشر الجهل فی المشرق العربی المغلق على نفسه بشكل یكون تاماً ، فكان احتكاك الشرق بالغرب من أهم مقدمات النهضة ، فظهر هذا الاحتكاك بشكل خاص فی لبنان ومصر دون سواهم من البلاد العربیة .
فكانت لبنان محط أنظار الغربیین فاتصلوا بأمرائهم الذین شجعوا بدورهم هجرة الغربیین .
أما مصر فكان اتصالها من خلال الحملة الفرنسیة بقیادة نابلیون بونابرت الذی ضم فی حملته مجموعة من العلماء والصناع ، كذلك جهز حملته بمطبعة عربیة مع مراجع وكتب من مصر ، فأنشأ مجمعاً علمیاً وأصدر صحیفتین بالفرنسیة .
بعد جلوس محمد علی على عرش مصر أكمل الرحلة العلمیة التی بدأت فی مصر .
بدأت الحیاة تدب فی أوصال البلاد العربیة فكانت المدارس التی ساعدت على رقی البلاد ونشر العلم فیها كالأزهر فی مصر وعین ورقة فی لبنان .
أما الطباعة فقد جعلت المعارف للجمیع فصنع عبد الله الزاخر الحروف العربیة لمطبعة حلب ثم لمطبعة دیر الشویر .
ساعدت الطباعة على تنشیط الصحافة وانتشارها ، فكانت مصر المهد الأول للصحافة العربیة بدءاً من جریدة الوقائع المصریة فی عهد محمد علی .
ظهرت الجمعیات العلمیة والأدبیة التی ساعدت العلماء والأدباء على التكتل وتبادل الأبحاث لترقیة العلوم ونشر الفنون فكانت الجمعیة السوریة فی لبنان .
بعد دمار الكثیر من المكتبات التی ضمت أمهات الكتب ، عمد المثقفون نتیجة اتصالهم وتأثرهم بالغرب على إنشاء المكتبات العامة والخاصة واعتماد الأسالیب الحدیثة فی تنظیمها ونشر الفهارس كالمكتبة الظاهریة بدمشق .
نتیجة اجتماع هذه العوامل وغیرها ،كانت النهضة العربیة والتی مرت بمرحلتین أساسیتین :
1- مرحلة التقلید :
لم یلقى الشعر من الاهتمام ما لاقته العلوم الأخرى ، فكان الشعر ركیكاً ضعیفاً ، فكانت هذه المرحلة صلة الوصل بین الانحطاط والنهضة .
ومع تحسن الأحوال الاجتماعیة والثقافیة فی منتصف القرن التاسع عشر ، عاد الأدباء العرب إلى معین اللغة العربیة فدرسوها ودرسوا أسباب ضعفها محاولین تقلید من سبقهم وخاصة العباسیین منهم فكانت المتانة اللغویة والدقة فی التعبیر ، دون التخلص تماماً من الأسالیب البدیعیة والأسالیب الأخرى من مخلفات عصر الانحطاط ، من شعراء هذه الفترة محمود سامی البارودی .
2- مرحلة التجوید :
لما قوی اتصال الشرق بالغرب وتعرف أبناء الشرق على ثقافات وحضارة الغرب ، ظهرت عندهم نزعة التحرر من القدیم بكل ما یمثله من جهل وتخلف ، فالعصر الذی یعیشون فیه مختلف تمام الاختلاف عن عصر مما سبقوهم ولذا كان على الأدب أن یمثل العصر الجدید بكل ما فیه ولیس القدیم الذی ولى ، فهم یتطلعون إلى الأمام الذی یمثل المستقبل النیر .
فكان من الأدباء من أراد التجدید ولكن ضمن أسس الأدب العربی القدیم ، فالحدیث هو امتداد للقدیم واستفادة من الأدب الغربی الحدیث بما یتلاءم والثقافة العربیة .
إلا أن فئة أخرى نادت وخاصة بعد الحرب العالمیة الأولى بدأت تنادی بالتخلص من كل ما هو قدیم وتقلید الغرب بكل ما فیه تقلیداً أعمى فكانت النزعة الرومنطیقیة التی أرادت أ، تعبر عن الذات والواقع بشكل أكبر .
كذلك ظهرت المدرسة الرمزیة كرد فعل على الرومنطیقیة ، غالت هذه المدرسة فی استعمال الرموز والتعبیر المعقد وغیبت بالألفاظ السهلة مما جعلها عرضة للأخطاء اللغویة .
أما المدرسة الثالثة فقد عنیت بالنزعة الإنسانیة للأدب والتركیز على الكیان الاجتماعی .
أما موضوعات الشعر فقد تركزت على الشعر السیاسی المنادی بالاستقلال والدیمقراطیة . والشعر الاجتماعی الذی دعا للتحرر من قیود الماضی والتخلص من الأمراض الاجتماعیة ، فنادى إلى تحریر المرأة ورفع شأنها . وأیضاً الشعر التمثیلی القصصی والذی یعمد الشعراء فیه للتعبیر عن نزعة اجتماعیة أو فلسفیة .
المبنى الشعری متفاوت بین الأدباء فمنهم من حافظ على الأوزان القدیمة ولكن القصیرة منها والخفیفة ، ومنهم من سلك أسلوب الموشحات التی لا تلتزم قافیة واحدة .
أما البعض منهم فأراد الشعر أن یكون ما یعرف بالشعر المنثور .
من أعلام هذه المرحلة : أحمد شوقی وحافظ إبراهیم وخلیل مطران .
ونبدأ بمرحلة التقلید لنتحدث فیها عن محمود سامی البارودی كمثال عن هذه المرحلة .
+درج شده توسط مترجم عربی - دکتر مهدي شاهرخ در شنبه ۱۱ اردیبهشت ۱۳۸۹و ساعت 19:33|