اللغة
الشعریة عند السیاب .. والثورة على الشعر الكلاسیكی القدیم
یشكل السیاب محور الثورة على
الشعر الكلاسیكی القدیم الذی كان سائداً فی بدایة القرن العشرین ولكن
السیاب الى جانب نازك الملائكة استطاع ان یخرج من عباءة التقلید والانتصار
لنفسه عندما اخذ یسیر فی نمط الشعر الحدیث فابداع السیاب لغة جدیدة یتفق
فیها المضمون مع الشكل والفكرة مع الصوت فالنبرة الصوتیة
عند السیاب تتغیر بتغیر الفكرة وهی تخط بین مدلول الكلمة وبین شكلها . لقد استطاع السیاب بالوسائل الجدیدة ان یتصور حالات الازمة عند الانسان الحدیث وقد ظهرت مهارة السیاب الشعریة فی تجدید العروض الذی شكل ازمة فی العالم العربی فی الاربعینیات من القرن المنصرم فالموسیقا الجدیدة لاشعار السیاب تحررت من اسر القافیة فكانت التجربة الشعریة تجسیداً للعاطفة الرومانتیكیة وللمباشرة الواقعیة فالسیاب الى جانب نازك الملائكة وعبد الوهاب البیاتی وغیرهم من الشعراء وسعوا امكانیة النموذج الشعری الفردی الى حد كبیر جداً ولكن السیاب قد بدأ على الطریقة الرومانتیكیة فهو متأثر جداً بـ بودلیر فی مجموعتیه الشعریتین « ازهار ذابلة » « اساطیر » .
فقد كتب السیاب قصیدة مؤكداً تنوع العاطفة لدیه یقول :
دیوان شعر ملؤه غزل بین العذارى بات ینتقل
انفاسی الحرى تهیم على صفحاته والحب والامل
وستلتقی انفاسهن بها وترف فی جنباته القبل
ان بدایة السیاب كانت اشعاراً مملوءة بالشفافیة والعفة والاستعارة التی تثیر المشاعر وتكثر فیها الصور التی تطلق العنان للفكر ان یحلق فی سماء هذه الكتابات التی خطها شاعر عانى الامرین فی مدینته یقول : سوف امضی / اسمع الریح تنادینی بعیداً / فی ظلام الغابة اللفاء والدرب الطویل / یتمطى ضجراً ، والذئب یعوی، والافول / یسرق النجم ، كما تسرق روحی مقلتاك / فاتركینی اقطع اللیل وحیداً / سوف امضی فهی مازالت هناك / فی انتظاری .
نلاحظ اللغة السوداویة التی تصبغ شعر السیاب فهو متشائم حتى فی غزله ولكن ما یجعلك تحلق معه هو الصور الجمیلة التی یفاجئنا بها فی كل شعر نقرؤه فهو یحاول ان یشد القارئ مهما كان بعیداً عنه كی یندمج معه ویشاركه همومه یقول : الزورق النائی وانات المجادیف الطوال / تدنو على مهل .. وتدنو فی انخفاض وارتفاع / حتى اذا امتدت یداك الیّ فی شبه ابتهال / وهمست « هاهو ذا یعود » رجعت فارغة الذراع/ .
فلغة السیاب مجازیة خارقة حیث ان مثل هذه الاستعارات والمجازات غریبة ولكنها اصبحت عادیة عنده لانها اللغة التی میزته عن شعراء عصره .
فالمجادیف لا تئن ومع ذلك جعلها مشخصة تئن وتحزن وهذه لیست لغة عادیة ولكنها لغة استخدمها شاعر بارع فوظفها خیر توظیف فی شعره .
فالسیاب شاعر ارتبط وانعجن بنخیل العراق وذاب صبابة لانه حاد یشتاق الى رشفة من نهر دجلة الذی عاش جنبه وزرع على ضفتیه احلى الذكریات وهو الشاعر المطرود الذی حرم ان یقضی بقیة حیاته فی ارضه فهو قد تطرق الى مختلف مشاكل المجتمع الانسانی لان حداثة واتساع مجموعة المواضیع ادت الى اتساع الوسائل التشبیهیة وترسیخ المعنى الرمزی الذی یسمح بنقل ادق التفاصیل عن الرغبات المخفیة .
یقول فی قصیدته غریب على الخلیج :
جلس الغریب ، یسرح البصر المحیر فی الخلیج / و یهد أعمدة الضیاء بما یصعد من نشیج / أعلى من العباب یهدر رغوه و من الضجیج / صوت تفجر فی قرارة نفسی الثكلى : عراق / كالمد یصعد ، كالسحابة ، كالدموع الى العیون / الریح تصرخ بی : عراق .
كما انه یتذكر فی قصیدته ( المخبر ) و هذا شیء طبیعی لانسان بعید عن وطنه یتذكر فیه أدق التفاصیل یقول :
الحقد كالتنور فی : إذا تلهّب بالوقود / الحبر و القرطاس - أطفأ فی وجوه الامهات / تنورهن . و اوقف الدم عن ثدی المرضعات /.
لم یظهر السیاب فی دور المصور الفوتوغرافی لما یراه من مناظر فی هذه الطبیعة بل كان یسعى بكل ما یملك من سعة الأفق وقوة الفكر الى إثارة القارئ على استیعاب العناصرالتی تكلم عنها و ذلك من خلال الموسیقا الرائعة التی تتناغم لتشكل تفعیلات رائعة لذلك نحن لا نتصور عنده استعمالاً متكرراً و مستمراً فی اشعارنا الیومیة الحالیة للكلمة ، و قد استعملها السیاب دائماً یقول :
یمد الكرى لی طریقاً الیها : / من القلب یمتد عبر الدهالیز عبر الدجى و القلاع / الحصینة / و قد نام فی بابل الراقصون / و نام الحدید الذی یشحذونه /.
ان السیاب دائم التذكر لبلدته جیكور فهو یذكر نخیلها و الاصداف الموجودة فی نهر البویب فنجد ان لغته فی الوصف الغنائی العاطفی المخصص لبلده و لنهر بویب التی یتخلل قریته جیكور یقول :
أود لو أطل من أسرة التلال / لألمح القمر / یخوض بین ضفتیك ، یزرع الظلال / ویملأ السلال بالماء و الاسماك و الزهر / اود لو أخوض فیك ، أتبع القمر / و اسمع الحصى یصل منك فی القرار .
أما إذا دخلنا الى الجانب الغزلی و فن عاطفة الحب حیث ان عاطفة الحب فی الشعر العاطفی تتجلى من خلال الصور المتداخلة البدائیة التی تصور احساسه العالی بالطبیعة و خاصة فی النساء الجمیلات فهو یفجر من خلال اشعاره رغبته العاطفیة الجامعة فالشهوات الجسدیة تتكرر كثیراً فی اشعاره الى جانب الكلمات المنمقة یقول :
ترف شعورهن علی . تحملنی الى الصین / سفائن من عطورنهودهن .اغوص فی بحر من الأوهام ،و الوجد / فألتقط المحار أظن فیه الدرثم تظلنی وحدی / جدائل نخلة فرعاء / فأبحث بین أكوام المحار . لعل لؤلؤة ستبزغ منه كالنجمة .
و هناك عنصر بالغ الأهمیة كان موجوداً فی شعر السیاب ألا و هو توظیف الأسطورة فی الشعر حیث وظفها خیر توظیف و استطاع بإتقان الشاعر المبدع ان یجعل الأساطیر مادة تخدم شعره یقول ناجی علوش عن استخدام السیاب للأسطورة : ( لم یستطع أحد من الشعراء العرب أن یستعمل الأسطورة و الرمز إن هذا الكلام یدل على أن النمط الذی استخدمه السیاب فی الشعر كان متسلسلاً بهذا المقدار . كما استطاع السیاب ان یستعملها .
فمن النادر ان نرى عنده اشعاراً لم تمثل الرموز الخرافیة أو الاسطورة و هذا ما نلاحظه فی قصیدتی « مدینة بلا مطر » و « سربروس فی بابل » و فی حالات أخرى تصادف الأسطورة مقدمة فی القصائد الشعریة بكلمة واحدة فقط وهی معزولة تماماً منفصلة عن الموضوع الرئیس ، و عن قرائن الكلام و ان وجود هذه الكلمة یبرره و یسوغه فقط ، الموضوع الثانوی العارض و المتفرع عن الموضوع الرئیس و هذا ما حدث فی قصیدة « المومس العمیاء ».
یقول الدكتور فاخر میّا «لوكان السیاب أول شاعر عربی استعمل الأساطیر القدیمة كما أكد «علوش» لما وجب علینا أن نورد ماقاله السیاب نفسه متعجباً بمقدرة أبی تمام وموهبته على كسر واخضاع المقولات القدیمة فی الإبداع «یقول السیاب» ان استعمال الأسطورة فی الشعر لیس جدیداً على الأدب العربی فلعل شاعرنا العربی الكبیر أبا تمام أول من استخدمها بین كل الشعراء العالم ولوسار الشعراء العرب من بعد أبی تمام على خطه الشعری لكان بیننا الیوم الكثیرون ممن یضارعون ایلوت وستویل وسواهما ».
ویعود علوش ویقول «إن الأسطورة فی شعر السیاب لیست واضحة تماماً ..لقد حاول شرح ولعه وحبه للأساطیر لكنه لم یستطع ایجاد مخارج مقنعة لاستعماله هذا فی الشعر العربی» .
فمثلاً سندباد السیاب هو مغامر جریء كما ورد فی ألف لیلة ولیلة یعود بالبضائع من خلف البحار وبالقصص البریة المتوحشة یقول.
وجلست تنتظرین عودة سندباد من السفار /والبحر یصرخ من ورائك بالعواصف والرعود / هو لن یعود / أو ماعلمت بأنه أسرته آلهة البحار /فی قلعة سوداء فی جزر من الدم والمحار / هو لن یعود /ورحل النهار /فلتر حلی ،هو لن یعود /.
إن أبطال قصص الف لیلة ولیلة تستعمل أحیاناً وسائل سحریة للوصول الى أهداف شخصیة أو إلى أهداف انسانیة ومن الوسائل التی استعملها السیاب الحصان الطائر والبساط الطائر یقول.
آه لوعندی بساط الریح /لوعندی الحصان الطائر/ آه لو رجلای كالأمس تطیقان المسیر ! /لطویت الأرض بحثاً عنك /لكن الجسور ا قطعتها بیننا الأقدار .مات الشاعر فی وانسدت كوى الأحلام /آه یاجمیلة إن ابداع السیاب ابداع جدید یتفق فیه الشكل مع المضمون فی الشعر الحدیث حیث استطاع بالوسائل التجدیدیة أن یتخیل ویتصور حالة الأزمات والكوارث التی تواجه الانسان فی المجتمع وقد ظهر ذلك جلیاً فی التجدید الشعری الذی سار علیه السّیاب یسبق طائفة العشراء الذین تزاحموا فی عصره .
عند السیاب تتغیر بتغیر الفكرة وهی تخط بین مدلول الكلمة وبین شكلها . لقد استطاع السیاب بالوسائل الجدیدة ان یتصور حالات الازمة عند الانسان الحدیث وقد ظهرت مهارة السیاب الشعریة فی تجدید العروض الذی شكل ازمة فی العالم العربی فی الاربعینیات من القرن المنصرم فالموسیقا الجدیدة لاشعار السیاب تحررت من اسر القافیة فكانت التجربة الشعریة تجسیداً للعاطفة الرومانتیكیة وللمباشرة الواقعیة فالسیاب الى جانب نازك الملائكة وعبد الوهاب البیاتی وغیرهم من الشعراء وسعوا امكانیة النموذج الشعری الفردی الى حد كبیر جداً ولكن السیاب قد بدأ على الطریقة الرومانتیكیة فهو متأثر جداً بـ بودلیر فی مجموعتیه الشعریتین « ازهار ذابلة » « اساطیر » .
فقد كتب السیاب قصیدة مؤكداً تنوع العاطفة لدیه یقول :
دیوان شعر ملؤه غزل بین العذارى بات ینتقل
انفاسی الحرى تهیم على صفحاته والحب والامل
وستلتقی انفاسهن بها وترف فی جنباته القبل
ان بدایة السیاب كانت اشعاراً مملوءة بالشفافیة والعفة والاستعارة التی تثیر المشاعر وتكثر فیها الصور التی تطلق العنان للفكر ان یحلق فی سماء هذه الكتابات التی خطها شاعر عانى الامرین فی مدینته یقول : سوف امضی / اسمع الریح تنادینی بعیداً / فی ظلام الغابة اللفاء والدرب الطویل / یتمطى ضجراً ، والذئب یعوی، والافول / یسرق النجم ، كما تسرق روحی مقلتاك / فاتركینی اقطع اللیل وحیداً / سوف امضی فهی مازالت هناك / فی انتظاری .
نلاحظ اللغة السوداویة التی تصبغ شعر السیاب فهو متشائم حتى فی غزله ولكن ما یجعلك تحلق معه هو الصور الجمیلة التی یفاجئنا بها فی كل شعر نقرؤه فهو یحاول ان یشد القارئ مهما كان بعیداً عنه كی یندمج معه ویشاركه همومه یقول : الزورق النائی وانات المجادیف الطوال / تدنو على مهل .. وتدنو فی انخفاض وارتفاع / حتى اذا امتدت یداك الیّ فی شبه ابتهال / وهمست « هاهو ذا یعود » رجعت فارغة الذراع/ .
فلغة السیاب مجازیة خارقة حیث ان مثل هذه الاستعارات والمجازات غریبة ولكنها اصبحت عادیة عنده لانها اللغة التی میزته عن شعراء عصره .
فالمجادیف لا تئن ومع ذلك جعلها مشخصة تئن وتحزن وهذه لیست لغة عادیة ولكنها لغة استخدمها شاعر بارع فوظفها خیر توظیف فی شعره .
فالسیاب شاعر ارتبط وانعجن بنخیل العراق وذاب صبابة لانه حاد یشتاق الى رشفة من نهر دجلة الذی عاش جنبه وزرع على ضفتیه احلى الذكریات وهو الشاعر المطرود الذی حرم ان یقضی بقیة حیاته فی ارضه فهو قد تطرق الى مختلف مشاكل المجتمع الانسانی لان حداثة واتساع مجموعة المواضیع ادت الى اتساع الوسائل التشبیهیة وترسیخ المعنى الرمزی الذی یسمح بنقل ادق التفاصیل عن الرغبات المخفیة .
یقول فی قصیدته غریب على الخلیج :
جلس الغریب ، یسرح البصر المحیر فی الخلیج / و یهد أعمدة الضیاء بما یصعد من نشیج / أعلى من العباب یهدر رغوه و من الضجیج / صوت تفجر فی قرارة نفسی الثكلى : عراق / كالمد یصعد ، كالسحابة ، كالدموع الى العیون / الریح تصرخ بی : عراق .
كما انه یتذكر فی قصیدته ( المخبر ) و هذا شیء طبیعی لانسان بعید عن وطنه یتذكر فیه أدق التفاصیل یقول :
الحقد كالتنور فی : إذا تلهّب بالوقود / الحبر و القرطاس - أطفأ فی وجوه الامهات / تنورهن . و اوقف الدم عن ثدی المرضعات /.
لم یظهر السیاب فی دور المصور الفوتوغرافی لما یراه من مناظر فی هذه الطبیعة بل كان یسعى بكل ما یملك من سعة الأفق وقوة الفكر الى إثارة القارئ على استیعاب العناصرالتی تكلم عنها و ذلك من خلال الموسیقا الرائعة التی تتناغم لتشكل تفعیلات رائعة لذلك نحن لا نتصور عنده استعمالاً متكرراً و مستمراً فی اشعارنا الیومیة الحالیة للكلمة ، و قد استعملها السیاب دائماً یقول :
یمد الكرى لی طریقاً الیها : / من القلب یمتد عبر الدهالیز عبر الدجى و القلاع / الحصینة / و قد نام فی بابل الراقصون / و نام الحدید الذی یشحذونه /.
ان السیاب دائم التذكر لبلدته جیكور فهو یذكر نخیلها و الاصداف الموجودة فی نهر البویب فنجد ان لغته فی الوصف الغنائی العاطفی المخصص لبلده و لنهر بویب التی یتخلل قریته جیكور یقول :
أود لو أطل من أسرة التلال / لألمح القمر / یخوض بین ضفتیك ، یزرع الظلال / ویملأ السلال بالماء و الاسماك و الزهر / اود لو أخوض فیك ، أتبع القمر / و اسمع الحصى یصل منك فی القرار .
أما إذا دخلنا الى الجانب الغزلی و فن عاطفة الحب حیث ان عاطفة الحب فی الشعر العاطفی تتجلى من خلال الصور المتداخلة البدائیة التی تصور احساسه العالی بالطبیعة و خاصة فی النساء الجمیلات فهو یفجر من خلال اشعاره رغبته العاطفیة الجامعة فالشهوات الجسدیة تتكرر كثیراً فی اشعاره الى جانب الكلمات المنمقة یقول :
ترف شعورهن علی . تحملنی الى الصین / سفائن من عطورنهودهن .اغوص فی بحر من الأوهام ،و الوجد / فألتقط المحار أظن فیه الدرثم تظلنی وحدی / جدائل نخلة فرعاء / فأبحث بین أكوام المحار . لعل لؤلؤة ستبزغ منه كالنجمة .
و هناك عنصر بالغ الأهمیة كان موجوداً فی شعر السیاب ألا و هو توظیف الأسطورة فی الشعر حیث وظفها خیر توظیف و استطاع بإتقان الشاعر المبدع ان یجعل الأساطیر مادة تخدم شعره یقول ناجی علوش عن استخدام السیاب للأسطورة : ( لم یستطع أحد من الشعراء العرب أن یستعمل الأسطورة و الرمز إن هذا الكلام یدل على أن النمط الذی استخدمه السیاب فی الشعر كان متسلسلاً بهذا المقدار . كما استطاع السیاب ان یستعملها .
فمن النادر ان نرى عنده اشعاراً لم تمثل الرموز الخرافیة أو الاسطورة و هذا ما نلاحظه فی قصیدتی « مدینة بلا مطر » و « سربروس فی بابل » و فی حالات أخرى تصادف الأسطورة مقدمة فی القصائد الشعریة بكلمة واحدة فقط وهی معزولة تماماً منفصلة عن الموضوع الرئیس ، و عن قرائن الكلام و ان وجود هذه الكلمة یبرره و یسوغه فقط ، الموضوع الثانوی العارض و المتفرع عن الموضوع الرئیس و هذا ما حدث فی قصیدة « المومس العمیاء ».
یقول الدكتور فاخر میّا «لوكان السیاب أول شاعر عربی استعمل الأساطیر القدیمة كما أكد «علوش» لما وجب علینا أن نورد ماقاله السیاب نفسه متعجباً بمقدرة أبی تمام وموهبته على كسر واخضاع المقولات القدیمة فی الإبداع «یقول السیاب» ان استعمال الأسطورة فی الشعر لیس جدیداً على الأدب العربی فلعل شاعرنا العربی الكبیر أبا تمام أول من استخدمها بین كل الشعراء العالم ولوسار الشعراء العرب من بعد أبی تمام على خطه الشعری لكان بیننا الیوم الكثیرون ممن یضارعون ایلوت وستویل وسواهما ».
ویعود علوش ویقول «إن الأسطورة فی شعر السیاب لیست واضحة تماماً ..لقد حاول شرح ولعه وحبه للأساطیر لكنه لم یستطع ایجاد مخارج مقنعة لاستعماله هذا فی الشعر العربی» .
فمثلاً سندباد السیاب هو مغامر جریء كما ورد فی ألف لیلة ولیلة یعود بالبضائع من خلف البحار وبالقصص البریة المتوحشة یقول.
وجلست تنتظرین عودة سندباد من السفار /والبحر یصرخ من ورائك بالعواصف والرعود / هو لن یعود / أو ماعلمت بأنه أسرته آلهة البحار /فی قلعة سوداء فی جزر من الدم والمحار / هو لن یعود /ورحل النهار /فلتر حلی ،هو لن یعود /.
إن أبطال قصص الف لیلة ولیلة تستعمل أحیاناً وسائل سحریة للوصول الى أهداف شخصیة أو إلى أهداف انسانیة ومن الوسائل التی استعملها السیاب الحصان الطائر والبساط الطائر یقول.
آه لوعندی بساط الریح /لوعندی الحصان الطائر/ آه لو رجلای كالأمس تطیقان المسیر ! /لطویت الأرض بحثاً عنك /لكن الجسور ا قطعتها بیننا الأقدار .مات الشاعر فی وانسدت كوى الأحلام /آه یاجمیلة إن ابداع السیاب ابداع جدید یتفق فیه الشكل مع المضمون فی الشعر الحدیث حیث استطاع بالوسائل التجدیدیة أن یتخیل ویتصور حالة الأزمات والكوارث التی تواجه الانسان فی المجتمع وقد ظهر ذلك جلیاً فی التجدید الشعری الذی سار علیه السّیاب یسبق طائفة العشراء الذین تزاحموا فی عصره .
+درج شده توسط مترجم عربی - دکتر مهدي شاهرخ در چهارشنبه ۱۱ فروردین ۱۳۸۹و ساعت 19:6|